نظمة مركز دراسات وابحاث القرن الافريقي.. مؤتمر الحرب في السودان...(التشريح والحلول)
في لحظة فارقة تشهد فيها منطقة القرن الإفريقي تصاعداً غير مسبوق في التوترات، شهدت العاصمة الإدارية بورتسودان انعقاد المؤتمر الدولي الأول حول الحرب في السودان، الذي نظمة مركز دراسات وابحاث القرن الافريقي، ببورتسودان في الفترة من السابع إلى التاسع ديسمبر الجاري، بمشاركة باحثين وخبراء وممثلين لمنظمات إقليمية ودولية، في محاولة لقراءة المشهد السوداني بكل تعقيداته، وتقديم مقترحات عملية لصياغة مسارات سلام مستدام. وقد شكّل المؤتمر منصة حوارية جمعت أصواتًا متعددة بهدف البحث عن مخارج حقيقية تُوقف نزيف الحرب .
وشهدت جلسات المؤتمر التي قدمت فيها(60) ورقة علمية ، نقاشات واسعة، وكسب المؤتمر الذي اختتمت جلساته أمس، رمزية خاصة باعتباره المنصة الأبرز التي جمعت لأول مرة هذا القدر من المعنيين بالأزمة السودانية، في محاولة لفهم عمقها، وتقدير حجم المخاطر الإقليمية التي تلوّح في الأفق.
سياسات إستعمارية
في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قال الفريق مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة ان الحروب والنزاعات في القرن الافريقي تنشأ بسبب عوامل خارجية نتيجة للسياسات الاستعمارية وداخلية لان الحكومات لم تستطيع إدارة التنوع الاثني والثقافي .
وأوضح لدي مخاطبته المؤتمر الدولي الاول حول الحرب وتأثيرها علي منطقة القرن الافريقي الذي أقامه مركز دراسات وابحاث القرن الافريقي أن السودان شهد عدم استقرار ونزاعات بلغت ٧٣ حربا وطنية نتجت كلها من مصانع حكومية رديئة الانتاج بسبب سوء ادارة الازمات الداخلية.
قنبلة موقوته
واكد عقار ان منطقة القرن الافريقي تعاني من كوارث طبيعية ، وازمات سياسية من صنع البشر مما جعلها قنبلة موقوتة قابلة للانفجار الامر الذي يستدعي تدخلا عاجلا لوضع حد لفوضي الحروب والنزاعات التي تهدد استقرار المنطقة . واضاف لابد من معالجة جذور الازمة حتي لاتكرر علي النحو الذي حدث في السودان الذي شهد ٤٦ اتفاقية سلام دون أن تحل لضعف القوانين والتشريعات التي تتطلب مراجعة والتزام صارم في التطبيق لمحاربة خطاب الجهوية والعنصرية وتقضي علي الفساد والمحسوبية والجهوية وبناء الدولة علي أسس جديدة والمواطنة دون تمييز.
مشددا علي أهمية سد الثغرات منعا للتدخلات الخارجية التي تستهدف تقسيم الدول والمجتمعات لنهب ثرواتها كما وفقا لما كشفته حرب السودان الحالية من محاولات تهجير قسري للسكان الاصلين واحداث تغير ديمغرافي بتوطين عرب الشتات .لذلك لابد من ادراك هذه المخاطر وتكثيف الجهود لبناء دول مستقرة وإيجاد اجابات واضحة لسؤال كيف يحكم السودان.
مخاطر الحرب
وفي ذات الصدد قالت الدكتورة فاطمة العاقب الأمين العام لمركز دراسات وابحاث القرن الافريقي انهم استشعروا مخاطر الحرب بعد التداعيات الانسانية والاجتماعية والاقتصادية التي فاقمت الأوضاع العامة وازمتها لذلك انعقد المؤتمر لبحث سبل مسارات السلام والتنمية وتجاوز آثار الحرب برؤية علمية ومنهج اكاديمي لبحث واقع الحرب ومقومات الازمة _ الأمن القومي والاقليمي _ البعد الإنساني والثقافي في ظل الازمة _ دور القطاع المدني والقطاع الاكاديمي _ السودان ودول الجوار .وأضافت وضعت هذه المحاور والمرتكزات علي طاولة البحث في هذا المؤتمر لبلورة رؤية علمية حتي نسهم في وضع حلول جذرية للازمة السودانية.
تصنيف المقترحات
وخلال تلاوتها للبيان الختامي لجلسات المؤتمر أوضحت د. فاطمة أن المؤتمر شهد تقديم نحو 60 ورقة عملية على مدار الثلاثة أيام .. تناولت كل المحاور التي جاءت في دباجة المؤتمر.
وأكدت العاقب أنه تم تصنيف المقترحات والتوصيات لعدة محاور مع التركيز على الجزور الأساسية للأزمة والآثار المترتبة عليها.
توصيات المؤتمر
في محور الإصلاح السياسي ونظم الحكم جاءت أبرز التوصيات : ضرورة وضع دستور شامل ودائم يدير التنوع، ضرورة بناء الدولة على أساس الحكم الرشيد، التأكيد على التوزيع العادل للسلطة والثروة لمعالجة التهميش، إنشاء مفوضيات تساهم في الانتقال الديمقراطي الآمن ، تقوية المؤسسات العاملة في إدارة الموارد ومكافحة الفساد، تسوية سياسية شاملة لتحقيق التوافق الوطني، بدء الحوار السوداني السوداني للتحول المدني الديمقراطي، وهندسة العلاقات بين الدولة والمجتمع.
وفي محور الإصلاح الأمني والعسكري .. أوصى المؤتمر بضرورة بناء جيش وطني مهني موحد، البدء في اجراءات شاملة ومرحلية لجمع السلاح من المواطنين والمجموعات المسلحة، إنشاء منظومة العدالة الانتقالية.
بشأن محور التنمية الاقتصادية والاستدامة وإعادة الإعمار .. جاءت التوصيات بتبني مؤتمر أكاديمي علمي للاستقرار والتنمية المستدامة في السودان، اتخاذ سياسات اقتصادية تحفظ موارد السودان وحقوقه التاريخية من تغول الدول الأخرى، دعم وتمكين القطاع الخاص، تفعيل دور كليات الزراعة، وإعادة وإعمار البنى التحتية المدمرة.
وفي المحور الاجتماعي والخدمي والمصالحات، شددت توصيات المؤتمر على ضرورة محاربة خطاب الكراهية ، تعزيز ثقافة التعبير السلمي، نشر ثقافة محاربة الفساد، تعزيز الدور الوطني عبر وزارة التربية والتعليم وادراج التربية الوطنية بالمناهج التعليمية، تعزيز حماية النساء والأطفال ومكافحة العنف ضد المرأة.
وفي محور الإعلام .. أوصى المؤتمر على تطوير التشريعات والقوانين الإعلامية لتواكب العصر الرقمي، تفعيل دور محكمة المعلوماتية، تدريب وتأهيل قيادات الدولة في عملية الخطاب الإعلامي الإيجابي، نشر الوعي والتوعية بالقضايا الوطنية والتماسك الاجتماعي، الحد من الاعتماد على الناشطين في الصحافة الإلكترونية، واستخدام تقنية المعلومات والزكاء الاصطناعي.
أما بشأن التعاون الدولي والإقليمي .. أوصى على أهمية التصدي للتدخلات الخارجية بمنهجية واضحة من قبل الحكومة، رسم خارطة علاقات استراتيجية مستقبلية، الاهتمام بالعلاقات البينية وتطويرها بين دول القرن الإفريقي، العمل مع الاتحاد الإفريقي لدعم جهود وقف الحرب ، تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في أمن البحر الأحمر، تعزيز الرقابة الحدودية وإيجاد حلول مرضية لقضايا الحدود وتقسيمها، وتحجيم دور المنظمات الدولية والإقليمية التي تحمل أجندة خارجية.