لـواء ركن (م) د. يونس محمود محمد يكتب... العدو المنهك
لدى مخاطبته أحد المتحركات من منطقة البطانة، قال القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة في معرض حديثه عن العدو ووصفه بأنه (مُنهك) ومعناها متعب أشد التعب، والضنك والسخط والوهن والجهد وكلها أحوال تسبق الإنهيار والتبدد، لأنه من صفات الواجبة في حق المحارب الصبر، كما قال الشاعر السوداني العباسي: الحرب صبر واللقاء ثبات، والموت في شأن الإله حياة.
وشتان ما بين مخزون الصبر واليقين والثبات عند القوات المسلحة، وما غشي هؤلاء الأوباش من وهم، بأنهم أكفاء يمكنهم منازلة الجيش في ميادين القتال، فقط لأنهم تنادوا من القبلية النتنة، وإدعوا الصفوية، بأنهم (عيال جنيد) ولو قدّر له أن يطلع على جرائمهم لتبرأ منهم، وظنوا أنهم أكفاء للقوات المسلحة بمجرد أن لبسوا الكاكي وتزينوا بعلامات الزيف وصدقوا أنفسهم بأنهم ضباط ورتب، ولأنهم إمتلكوا السيارات القتالية.
وما علموا أن القوات المسلحة هي عقيدة وولاء ووطنية، ضاربة بجذورها في عمق الحضارة والمجتمع، ميراثها المعرفة والتقاليد الراسخة، خبراتها متراكمة جيلاً بعد جيل، قدراتها متطورة، فكرها مستنير وحصيف، تتصف بالنبل والفروسية، سامية الأخلاق نظيفة الصحاف عبر تاريخها الطويل، محمودة السير، شهد لها حتى الخصوم والأعداء المنصفون، خيرها باسط وسعت وشارك كثيراً من الدول في حل أزماتها الأمنية، وقاتلت إلى جانب الحق ونصرته في أكثر من ميدان خارج أرضها، في حرب أكتوبر في مصر، وفي العراق، وفي عمليات حفظ الأمن عبر الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي، وما تزال بقية منها في السعودية (رغم كل شيء).
ولئن جارت عليها ظروف التغيير السياسي الذي جره اليساريون العملاء، وكان عمدة همهم وأساس تفكيرهم هو تفكيكها خدمةً للمشروع الإستعماري الذي تم رسمه وتجهيزه تحت رعاية قوى دولية وإقليمية ذات مطامع قديمة في هذا البلد، لكن المانع الذي يحول دون ذلك هو القوات المسلحة، ولذلك تم إستهدافها بالحرب النفسية، والإعلامية المشهودة، وورش إعادة الهيكلة، (وهي الإسم المرادف للتفكيك والحل ) ومن عجب أن يقوم بذلك نفر ( من طرف السوق) رجال ونساء يصعب التمييز بينهم، بلا أدنى مؤهلات أو إختصاص للنظر في أمر مؤسسة كالقوات المسلحة السودانية، وقد جهزوا البديل (الدعم السريع ) الذي وجدوه موافقاً لهواهم ، وأعلنوا عن نواياهم في منابر كثيرة بأنه البديل الأنسب للجيش، بل تجاوزوا إلى قلب المعادلة المطروحة أوانئذ (دمج الدعم السريع في القوات المسلحة) إلى دمج القوات المسلحة في الدعم السريع وهم ينظرون ساخرين من طرف خفي، وهكذا إكتملت فصول المؤامرة، وبدأ التنفيذ كما هو معلوم، وصمت اللسان وتكلم السنان، وإلتحمت الفصائل، وتناثرت الأوصال، وحلق الموت الزؤام، وأعطى كل ما عنده، حتى إذا مضت صدارة القتال، وموجات الإشتباك، تكشفت عن فداحة خسران الجنجويد، وتراجعت قدارتهم القتالية، وإنكشف زيف إدعاءاتهم، وجندلت أغلب قياداتهم، وفر أو هلك حميدتي، وتبعه أخوه المتهور عبد الرحيم هائماً على وجهه في براري دارفور لا يلوي على شيء.
فالجنجويد الآن طريدة لاهثة، دامية الجسد، مذعورة، مطلوبون للثأر من كل نفير السودان وليست القوات المسلحة وحدها، فقوات المشتركة في دار فور إستطاعت القيام بعمليات نوعية جريئة كلّفت الجنجويد أرتالا من المتحركات، ونثرت جثثهم على طول المدى، وما تفعله قوات درع البطانة بعدما آبت للحق وإصطفت مع الوطن، ما تفعله موجع ومفجع لمجرمي الجنجويد، الذين أصبحوا مطلوبين للموت ويأتيهم من كل مكان، فالمتحركات الثلاثين التي ذكرها القائد العام بالأمس الأول في البطانة، قصدها واحد، وهدفها واحد، هو قتل الجنجويد والا ينجوا منهم أحد ابداً ابداً ابداً ، حتى لا بكون بذرة شر تستولد في أرض السودان وأنسانه، إلا من إستسلم وخضع للمحاكمة فأمره إلى القانون.
العدو الآن منهك تماماً، خائر القوى، منبوذ، بائس ويائس، يشعر بالخسارة والهزيمة، عاجز عن تحقيق أي نصر يعزز به موقف، أو يسعفه في دعاية، بلا أمل في فزع فلا متحركات بقيت لديه، غير المواتر المنهوبة وما عليها من حثالات تمارس النهب والسرقات في ظرف غياب القانون، ولا تفاوض يسعف الموقف لإلتقاط الأنفاس وإعادة التنظيم، ويعيد مسمى الدعم السريع لأي معادلة قادمة،
قول فصل ليس بالهزل (قتل الجنجويد) جزاء ما إقترفوه، ونظير ما إرتكبوه من جرائم وفظائع لن يغفرها شعب السودان، ولن يجد أي مساحة للتسامح فيها.
العدو الآن منهك كما قال القائد العام، الذي يرى بعيون الأمن ويسمع بآذان المخابرات، ويطلع على الأسرار والحقائق بأدوات الدولة وما أكثرها داخلياً وخارجياً، ويقرر بأمر الشعب، ويتحدث بنبضه، ويعبر عن الرأي العام بقوة وصدق .
العدو الآن منهك يرتجف كالقشة في مهب الريح، زائغ الأبصار، تدور أعينه من غشية الموت الذي يحيط به، إنفض سامره، وتبددت أحلامه، وعليه أن يدفع ثمن فعلته.
الآن الجحافل تزخف نحو عاصمة الجزيرة (مدني الجميلة) وما لها من ايادي لدى شعب السودان ، فهي مركز حضارة، وحاضنة ثقافة، وحقل إنتاج، وخازنة أموال، ولذلك لها من الشعب وقواته المسلحة وعد التحرير غير المختلف، وبعدها سيكون لدى القيادة فوائض قوات، ومتحركات ستطبق على الخرطوم في حملة تطهير من رجس الجنجويد، ثم تليها قبلة دار فور وجيوب كردفان، ليخلو السودان تماماً من ( حاجة اسمها جنجويد).
الله اكبر والعزة للسودان